بحـث
المواضيع الأخيرة
الجز الرابع من الكتاب
صفحة 1 من اصل 1
الجز الرابع من الكتاب
السلاجقة .. الذين أنقذوا الخلافة يسقطون
في تركستان - بدولة الاستعمار السوفيتي - نشأت هذه الأسرة .. ولظروف ما هاجرت هذه الأسرة بقيادة كبيرها " سلجوق " الذي تنسب الأسرة إليه .. وبين خراسان ، وبخارى ، وأصبهان ، تراوحت إقامتها حتى استقرت بمرو حيث هاجمها السلطان الغزنوي مسعود ولكنه هزم أمامها .. وأصبحت الخطبة تلقى بمرو باسم داود السلجوقي .. نجل سلجوق الكبير ، وكان هذا في سنة 433هـ .
ومن مرو انتشر سلطان السلاجقة إلى الري وإلى خوارزم ، وبدأ تاريخهم يظهر كقوة لها كيانها المستقل في العالم الإسلامي خلال القرن الخامس للهجرة .
وقد نجحوا في السيطرة على بلاد كثيرة .. كخراسان وأصبهان وهمذان وبخارى ، وامتد نفوذهم حتى العراق . والتحموا بالدولة العباسية ، ثم أتيحت لهم فرصة ذهبية . إذ استنصر بهم الخليفة العباسي " القائم " ضد ثائر شيعي يدعى " البساسيري " عجزت الخلافة العباسية عن مقاومته ، فأسرعوا إلى انتهاز الفرصة التاريخية ودخل زعيمهم طغرل بك بغداد منتصرا على البساسيري سنة 447هـ وكان هذا العام حدا فاصلا في تاريخ السلاجقة إذ اعتبر بداية عصر نفوذ السلاجقة وسيطرتهم على مصير الخلافة العباسية الكبرى .
امتاز السلاجقة الأتراك في معاملاتهم بالتدين ، وكانوا مظهرا للإنسان الفطري الذي هذبه الإسلام ، وإذا ما استثنينا صورا قليلة تحتمها الطبيعة البشرية التي لا تخلو من بعض القصور ، فإن هؤلاء السادة كانوا نموذجا طيبا حتى في معاملتهم للخليفة العباسي الذي حفظوا له عرشه .. إنهم لم يكونوا كالذين انتصر بهم المعتصم ، ولم يكونوا كالبويهيين حينما سيطروا على الخلافة وأذلوا كبرياء الخلفاء .. أبدا لقد احترموا الخلفاء وأجلوهم ، وكان لهم - كذلك - فضل كبير في رفع راية الإسلام ، وفي مد عمر الخلافة العباسية أكثر من قرنين من الزمان ، كما أنهم بدأوا مرحلة جديدة من التوسع الإسلامي في اتجاه آسيا الصغرى ، ويقال إن هذا التوسع كان أحد أسباب قيام الحروب الصليبية .
ومن الظواهر المتعلقة بسياسة هؤلاء القوم الاجتماعية والفكرية .. إلغاء أشهر ملوكهم " ألب أرسلان " لنظام المخابرات ولجوء أحد ملوكهم " نظام الملك " إلى نظام الإقطاع .. بإعطاء الشخصيات السلجوقية والشخصيات الأخرى الكبرى إقطاعات أو " أتابكيات " لحسابها الخاص . ومن الظواهر كذلك الحملات الجهادية شبه المنتظمة التي كانت خير علاج للفوضى الداخلية .. كذلك من الظواهر صراع السلاجقة المستمر ضد حركات الإسماعيلية ، ونجاحهم في تقليم أظفارهم .
وبعد صفحة تاريخية رائعة من صفحات الحضارة الإسلامية امتدت بين سنوات _ 433 - 619 ) قدر للسلاجقة أن يأفل نجمهم وأن تغرب شمسهم بعد أن حكم منهم واحد وثلاثون زعيما سلجوقيا ، وبعد أن قدموا للخلافة الإسلامية الكبرى أجل الخدمات وحموها من كثير من عثرات السقوط ، وقدموا للحضارة الإسلامية يدا من أروع ما قدمت الدول الإسلامية من أياد .
بيد أن السلاجقة ، وقعوا ، وهم يسيرون في الطريق ، في أخطاء ظنوها خيرا .. فانقلبت على دولتهم شرا .
لقد لجأ السلاجقة - كما ذكرنا - إلى نظام الإقطاعات وأسندوا معظمها إلى شخصيات سلجوقية ، وقد حسبوا أن هذا من شأنه أن يشغل السلاجقة عن التفكير في الحكم ، وأن يرضيهم بالبعد عن السلطة ، لكن الإقطاعيين السلاجقة سرعان ما حاول كل منهم أن يكون لنفسه من إقطاعاته إمارة صغيرة حاولت كل منها الانفصال عن السلطة وهو عكس ما كان يهدف إليه السلاجقة الحكام ، وقد أدى هذا إلى تفكك وحدة السلاجقة وإلى إجهاد السلطة السياسية الحاكمة ، وإلى توزع الدول بين عديد من الأمراء .
كما أن هذا الخطأ أدى إلى عدول السلاجقة عن طريقة اختيار زعمائهم القديمة التي كانت تعتمد على الكفاءة .. إلى طريقة جعل الزعامة ووراثية . نظرا لكثرة تنازع أمراء الإقطاعات عليها .
ومن المضاعفات كذلك تهاون السلاجقة - في ظل تفككهم - أمام حركات التمرد الباطنية لا سيما الحركة الإسماعيلية بزعامة قائدها الحسن الصباح .. وقد قدر لهذه الحركة أن تستنفذ طاقة كبرى من طاقات السلاجقة التي كان في الإمكان استخدامها في القضاء على حركات التفكك التي أصيبت بها الدولة أو الزعامة السلجوقية للخلافة العباسية .
وتبقى كلمة التاريخ الموحية: فإن السلطة غير الحازمة ، والتي تقبل التهاون في وحدة الدول إرضاء لبعض العناصر أو الشخصيات .. هذه السلطة ستدفع ثمن تهاونها يوما .
إن عقال بعير يمنع من الحاكم - بغير حق - هو انتقاص لسيادة الدولة .. هكذا فهم أبو بكر رضي الله عنه الأمور .. وبهذا نجح في القضاء على المتمردين .
وهكذا كان يجب أن يفهم السلاجقة وغيرهم من زعماء الدول .. الذين يقبلون نصف الحكم .. أو شيئا من الحكم دون وعي منهم بأن سيادة الدولة لا تتجزأ ، وبأن أنصاف الحلول أو أرباعها .. مقدمة طبيعية لزوال الحكم كله .
هكذا علمنا تاريخنا الإسلامي العظيم .
سقوط دولة الفاطميين
حين تستعين بعدوك التاريخي وتفقد القدرة على الرؤية الصحيحة .. فلا ضير في أن تموت .. فأنت ـ في البدء ـ إنسان منتحر .. !!
والتسامح قضية كبرى من قضايا حضارتنا ، ومبدأ عظيم من مبادئ إسلامنا ، لكن هذا التسامح ـ بترك الناس يحيون وفق معتقداتهم ـ شيء ، وتسليمك مقاليد الأمور لهذا الذي ينتمي روحيا إلى أعدائك ، ويشعر بتعاطف نحو من تحارب ، وتقل حضانته ـ مهما يكن ـ عن أخيك المسلم .. تسليمك هذا شيء آخر بعيد عن التسامح .. إنه نوع من الغفلة والحماقة .. أو بتعبير آخر نوع من الانتحار!!
وفي الدولة الفاطمية التي قامت في المغرب العربي سنة 298هـ وانتقلت قيادتها إلى مصر سنة 362هـ .. كانت ظاهرة الاعتماد على اليهود والنصارى سمة من سمات الحكم في الدولة ، فمن هؤلاء كان كثير من الوزراء وجباة الضرائب والزكاة، والمستشارين في شؤون السياسة والاقتصاد والعلم ، ومنهم الأطباء والثقات لدى الحكام، وإليهم تحال معظم الأعمال الجسام .
ولقد أحدثت هذه الظروف انفصاما بين الفاطميين والشعب ـ إلى جانب عوامل أخرى هامة ـ حتى لقد كان الناس يستجيرون من تسلط اليهود في البلاد فلا يجارون ، وقد ظهرت في ذلك أشعار كثيرة معروفة ، بل إن الناس قد اضطروا إلى أن يلفتوا نظر العزيز ( الحاكم الثاني في مصر ) إلى هذه الظاهرة التي كان يبدي تغافلا عنها ، وقد وضعوا له صورة من الورق لرجل يطلب حاجة أثناء مرور موكبه .. وقد مد الرجل يدا بورقة مكتوب فيها : " بالذي أعز اليهود بمنشا، وأعز النصارى بعيسى ، وأذل المسلمين بك إلا ما قضيت ظلامتي " وقد لمعت في سماء الدولة الفاطمية أسماء كثيرة من هؤلاء ، فقد لمع يعقوب بن كلس ( وسنورد تفصيلا عنه بعد ) ، ومنصور بن مقشر النصراني الطبيب صاحب الكلمة السامية في قصر العزيز ، وعيسى بن نسطورس الكاتب ، والمنجم ابن علي عيسى ، ويجين بن وشم الكواهي ، ومنشا اليهودي الذي كان نائب العزيز في الشام .. وغيرهم كثير . وعندما وصل الحاكم بأمر الله إلى الحكم .. وهو رجل أجمع المؤرخون على اضطراب عقله حتى أنه كان يأمر بالشيء وينهى عنه ـ أمر بهدم الكنائس التي بمصر ، لكنه سرعان ما عاد فأمر ببنائها ، وأطلق من جديد يد اليهود في البلاد ، واستمر أمر اليهود والنصارى في عهد الظاهر ، وعندما قدر للحاكم الفاطمي السادس في مصر " المستنصر بن علي الظاهر " أن يصل إلى الحكم سنة 427هـ كانت الحالة قد بلغت قمتها من التدهور . وفي ظل سياسة اليهود وتحكمهم في مرافق البلاد أصبح قصر هذا الحاكم زاخرا بالدسائس التي يحيكها القواد ورجال البلاط والخصيان والنساء ، ويقف وراء كل هؤلاء هذه الطوائف يديرون المعارك لصالحهم، ويرقبون الفائز، ويفسحون في شقة الخلاف.
وقد ذاقت البلاد من الجوع والبؤس والنزاع على السلطة ما أحالها إلى فوضى لم يشهد تاريخ مصر مثلها . وقد صور المقريزي هذه الحالة في قوله : " لم تجد البلاد صلاحا ولا استقام لها أمر ، وتناقضت عليها أمورها ، ولم يستقر عليها وزير تحمد طريقته .. " على آخر كلامه الطويل الذي قال في آخره بأنه : " تلاشت الأمور واضمحل الملك " وقد فكر ابن حمدان زعيم الأتراك في مصر في تغيير الخلافة الفاطمية إلى العباسية ، وكانت حال البلاد والفاطميين تسمح بتحقيق كل ذلك .. لولا سوء سياسة ابن حمدان لأتباعه وانقلابهم عليه .. وفي هذه السنوات أكل الناس بعضهم بعضا ، وبيع الرغيف بمائة دينار ، وأكل الناس لحوم الكلاب والحمير ، ولم ينته الأمر إلا بسقوط الدولة الفاطمية السقوط الحقيقي حين ترك حكامها السلطة تماما وقبعوا في قصورهم ، وحمل أمانة الحكم الوزراء العظام الذين كان أولهم وأعظمهم " بدر الجمالي " .
وقد أصبح بيد هؤلاء الوزراء كل مقاليد الأمور حتى أنهم لم يدعوا للخلافة ولا للخليفة في أغلب الأوقات إلا بالاسم ، وكانوا يتحكمون في اختيار الخلفاء وفي عزلهم ، والمؤرخون المنصفون يعتبرون سقوط الدولة هو تاريخ تولية بدر الجمالي أمور مصر سنة 464هـ .. ولم يفعل صلاح الدين الأيوبي حين أسقط الخطبة للفاطميين دون أية معارضة أو مقاومة حقيقية سنة 567هـ ـ إلا إسقاط عهد الوزراء العظام الذين كان آخرهم شاور .. أما الفاطميون فقد سقطوا منذ مدة طويلة أي قبل ذلك بقرن .
ومن الغريب أن العزيز الفاطمي .. بلغ من حبه لوزيره يعقوب بن كلس اليهودي أن ترك له أمر الدعوة إلى المذهب الفاطمي ، وكان هذا الأخير يجلس بنفسه يعلم الناس فقه الطائفة الإسماعيلية ، وقد ألف نفسه كتابا يتضمن الفقه على ما سمعه من المعز والعزيز الذي قال له : " وددت لو أنك تباع فأبتاعك بملكي " ولم يدرك العزيز أن ملكه كان قد بيع فعلا بهذه السياسة التي جعلت عهد الفاطميين في مصر عهد شدة وتناطح وبؤس . ووقف هؤلاء يستثمرون كل هذا ويتملقون الغرائز .. وبقيت عبرة التاريخ عبرة للذين يطلبون النصر من الأعداء ، والذين يطلبون الحياة من السم ، والذين ينسون " الاستراتيجية الإسلامية العالية " : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " !! .
سقوط دولة صلاح الدين
من أسرة كردية من أذربيجان هاجرت إلى العراق ، انبثق فجر قائد هذه الدولة ـ التي لعبت بقيادته ـ دورا من أروع أدوار تاريخنا .
ولعل " صلاح الدين الأيوبي " أروع بطل قدمته الحضارة الإسلامية على امتداد القرنين السادس والسابع للهجرة ، وبه أفلت المسلمون وأفلتت الحضارة الإسلامية من غزو عالمي صليبي كاسح كان يقوده أخبث صليبي عرفته أوروبا الهمجية في عصورها المظلمة " بطرس الناسك " .
وقد كان لاشتراك صلاح الدين مع عمه أسد الدين شيركوه في الحملات العسكرية التي كان يرسلها نور الدين إلى مصر ، أثر كبير في تعميق خبرته وإبراز مواهبه ، وما إن مات عمه أسد الدين سنة 564 هـ حتى أسند إليه الخليفة الفاطمي في مصر " العاضد " الوزارة ، ولقبه بالملك الناصر ، فظفر صلاح الدين بحب الشعب واحترامه نظرا لحزمه وعدالته.
ولم تأت سنة 567هـ أي بعد توليته الوزارة بثلاث سنوات ـ حتى مات الخليفة العاضد " فطويت صفحة الخلافة الفاطمية في مصر وغيرها ، وعادت مصر ـ العاصمة الفاطمية الأولى ـ عاصمة كبرى للعباسيين تحت قيادة الدولة الأيوبية وقائدها صلاح الدين الأيوبي .
كان أمام صلاح الدين تحديات داخلية في مصر ، فإن الآثار الفكرية التي خلفتها الدولة الفاطمية كانت تحتاج إلى إعلان ثورة فكرية .
وكان أمام صلاح الدين خلل اقتصادي منذ أيام المجاعة العظمى .. أيام " المستنصر " وما جر على مصر والعالم الإسلامي الحكم الفاطمي من ويلات تسلط الوزراء العظام منذ " بدر الجمالي " ( 464 هـ ) إلى شاور وضرغام .
وكان بإمكان صلاح الدين ، لو أنه قائد مخادع ، أن يعلن ثورة اقتصادية واجتماعية ، ويلهي الناس عن حقيقة الخطر الصليبي الذي يواجهونه !!
لكن صلاح الدين لم يكن هذا القائد المخادع ، بحيث يشغل الناس لحساب الأعداء عن معركتهم الحقيقية بمعارك جانبية .
وكان بإمكان صلاح الدين أن يبحث عن " اتفاقية جلاء " مع الصليبين أو عن " حل سلمي استسلامي " حتى تنتهي فترة تثبيته في الحكم ، ثم يعلن للناس أن الحكام السابقين يتحملون المسؤولية ، وأنه جاء إلى الحكم بعد فوات الأوان ، وبالتالي يخضع العالم الإسلامي لهذا الغزو الخبيث !!
لكن صلاح الدين لم يكن هذا القائد المخادع .
وفي مواجهة غزو صليبي عالمي أعلن صلاح الدين ثورة إسلامية عالمية ، وأصبح هو رمزها ومحورها ، وكان هذا هو الطريق الوحيد ولا يزال هو الطريق .
لقد جاء توحيد العالم الإسلامي جنبا إلى جنب مع الجهاد المستمر ضد الصليبية العالمية الحاقدة ، ولم يكن صلاح الدين بالأبله الذي يبحث عن أي حل بديل للجهاد، فوسط الحروب التي تهز الكيان المادي والمعنوي والفكري للأمة لا يمكن إنجاح أي هدف بعيد عن الهدف الأول ، وكل الأهداف تأتي من خلال هذا الهدف، لأن الجماهير تعتقد أنها عملية تلهية وخداع .. وقد دخل صلاح الدين عديدا من المعارك قبل حطين الشهيرة .. كموقعة " مرج عيون " جنوب لبنان سنة 575 هـ وموقعة " مدينة صفد " في السنة نفسها .
وعلى امتداد كل السنوات كانت هناك معارك لا تحصى بين صلاح الدين والصليبين .
وقد شن صلاح الدين على الصليبيين حروبا واسعة من أجل استخلاص إمارات إسلامية استولى عليها الصليبيون وأسسوا فيها إمارات صليبية مضى على استيلائهم عليها قريبا من تسعين سنة كأنطاكية وطرسوس والرها وبيت المقدس وطرابلس .. لم يكن صلاح الدين ساذجا ضعيفا متهاونا فيدعو إلى حدود ما قبل " معركة " ما ، أو .. " اتفاقية " ما .. !!
لقد كان الحق الإسلامي في عقيدته مقدسا لا يقبل التفريط والمساومة !!
هكذا كان هذا الرجل العظيم . صلاح الدين الذي انتصر في حطين واسترد بيت المقدس !!
وبوفاة صلاح الدين بقيت الدولة الأيوبية التي تنسب إليه تؤدي دورها قريبا من ستين سنة .
لكن هؤلاء الحكام كانوا أقل من صلاح الدين ، فلم يستطيعوا لعب الدور الذي لعبه .. وكان بعضهم متخاذلا يؤمن بإمكانية المفاوضات مع العدو الصليبي التاريخي ، كالملك الكامل الذي استجلب سخط العالم الإسلامي كله ، حين قام بتسليم القدس للصليبيين ، وقد تمكن الصالح أيوب الذي جاء بعده من استردادها .
ومن الغريب أن هذه الدولة التي بدأت بعظيم من أعظم الرجال هو صلاح الدين .. وانتهت بملك عظيم كذلك هو الملك الصالح ، كانت نهايتها على يد امرأة مملوكة من هؤلاء اللائى يظهرن في عصور الضعف ، ويساعدن على سقوط الدول .
إنها واحدة من هؤلاء النسوة القويات اللائى يجدن اللعب في خفاء القصور ودستورها ، متجردات من كل خصائص الأنوثة الحقيقية ، مستغلات مظاهر هذه الأنوثة في القتل والتدمير .. إنها شجرة الدر .. التي قتلت ابن زوجها " توران شاه " لكي تنفرد بالحكم ، ثم شربت من نفس الكأس حين قتلها المماليك أخذا بثأر زوجها منها .
وعجبا .. لقد قضي على الدولة التي قامت على أكتافها واحد من أعظم الرجال على يد مملوكة ـ مهما اختلفنا حولها ـ فإنها كذلك من أبرز نساء العالم
في تركستان - بدولة الاستعمار السوفيتي - نشأت هذه الأسرة .. ولظروف ما هاجرت هذه الأسرة بقيادة كبيرها " سلجوق " الذي تنسب الأسرة إليه .. وبين خراسان ، وبخارى ، وأصبهان ، تراوحت إقامتها حتى استقرت بمرو حيث هاجمها السلطان الغزنوي مسعود ولكنه هزم أمامها .. وأصبحت الخطبة تلقى بمرو باسم داود السلجوقي .. نجل سلجوق الكبير ، وكان هذا في سنة 433هـ .
ومن مرو انتشر سلطان السلاجقة إلى الري وإلى خوارزم ، وبدأ تاريخهم يظهر كقوة لها كيانها المستقل في العالم الإسلامي خلال القرن الخامس للهجرة .
وقد نجحوا في السيطرة على بلاد كثيرة .. كخراسان وأصبهان وهمذان وبخارى ، وامتد نفوذهم حتى العراق . والتحموا بالدولة العباسية ، ثم أتيحت لهم فرصة ذهبية . إذ استنصر بهم الخليفة العباسي " القائم " ضد ثائر شيعي يدعى " البساسيري " عجزت الخلافة العباسية عن مقاومته ، فأسرعوا إلى انتهاز الفرصة التاريخية ودخل زعيمهم طغرل بك بغداد منتصرا على البساسيري سنة 447هـ وكان هذا العام حدا فاصلا في تاريخ السلاجقة إذ اعتبر بداية عصر نفوذ السلاجقة وسيطرتهم على مصير الخلافة العباسية الكبرى .
امتاز السلاجقة الأتراك في معاملاتهم بالتدين ، وكانوا مظهرا للإنسان الفطري الذي هذبه الإسلام ، وإذا ما استثنينا صورا قليلة تحتمها الطبيعة البشرية التي لا تخلو من بعض القصور ، فإن هؤلاء السادة كانوا نموذجا طيبا حتى في معاملتهم للخليفة العباسي الذي حفظوا له عرشه .. إنهم لم يكونوا كالذين انتصر بهم المعتصم ، ولم يكونوا كالبويهيين حينما سيطروا على الخلافة وأذلوا كبرياء الخلفاء .. أبدا لقد احترموا الخلفاء وأجلوهم ، وكان لهم - كذلك - فضل كبير في رفع راية الإسلام ، وفي مد عمر الخلافة العباسية أكثر من قرنين من الزمان ، كما أنهم بدأوا مرحلة جديدة من التوسع الإسلامي في اتجاه آسيا الصغرى ، ويقال إن هذا التوسع كان أحد أسباب قيام الحروب الصليبية .
ومن الظواهر المتعلقة بسياسة هؤلاء القوم الاجتماعية والفكرية .. إلغاء أشهر ملوكهم " ألب أرسلان " لنظام المخابرات ولجوء أحد ملوكهم " نظام الملك " إلى نظام الإقطاع .. بإعطاء الشخصيات السلجوقية والشخصيات الأخرى الكبرى إقطاعات أو " أتابكيات " لحسابها الخاص . ومن الظواهر كذلك الحملات الجهادية شبه المنتظمة التي كانت خير علاج للفوضى الداخلية .. كذلك من الظواهر صراع السلاجقة المستمر ضد حركات الإسماعيلية ، ونجاحهم في تقليم أظفارهم .
وبعد صفحة تاريخية رائعة من صفحات الحضارة الإسلامية امتدت بين سنوات _ 433 - 619 ) قدر للسلاجقة أن يأفل نجمهم وأن تغرب شمسهم بعد أن حكم منهم واحد وثلاثون زعيما سلجوقيا ، وبعد أن قدموا للخلافة الإسلامية الكبرى أجل الخدمات وحموها من كثير من عثرات السقوط ، وقدموا للحضارة الإسلامية يدا من أروع ما قدمت الدول الإسلامية من أياد .
بيد أن السلاجقة ، وقعوا ، وهم يسيرون في الطريق ، في أخطاء ظنوها خيرا .. فانقلبت على دولتهم شرا .
لقد لجأ السلاجقة - كما ذكرنا - إلى نظام الإقطاعات وأسندوا معظمها إلى شخصيات سلجوقية ، وقد حسبوا أن هذا من شأنه أن يشغل السلاجقة عن التفكير في الحكم ، وأن يرضيهم بالبعد عن السلطة ، لكن الإقطاعيين السلاجقة سرعان ما حاول كل منهم أن يكون لنفسه من إقطاعاته إمارة صغيرة حاولت كل منها الانفصال عن السلطة وهو عكس ما كان يهدف إليه السلاجقة الحكام ، وقد أدى هذا إلى تفكك وحدة السلاجقة وإلى إجهاد السلطة السياسية الحاكمة ، وإلى توزع الدول بين عديد من الأمراء .
كما أن هذا الخطأ أدى إلى عدول السلاجقة عن طريقة اختيار زعمائهم القديمة التي كانت تعتمد على الكفاءة .. إلى طريقة جعل الزعامة ووراثية . نظرا لكثرة تنازع أمراء الإقطاعات عليها .
ومن المضاعفات كذلك تهاون السلاجقة - في ظل تفككهم - أمام حركات التمرد الباطنية لا سيما الحركة الإسماعيلية بزعامة قائدها الحسن الصباح .. وقد قدر لهذه الحركة أن تستنفذ طاقة كبرى من طاقات السلاجقة التي كان في الإمكان استخدامها في القضاء على حركات التفكك التي أصيبت بها الدولة أو الزعامة السلجوقية للخلافة العباسية .
وتبقى كلمة التاريخ الموحية: فإن السلطة غير الحازمة ، والتي تقبل التهاون في وحدة الدول إرضاء لبعض العناصر أو الشخصيات .. هذه السلطة ستدفع ثمن تهاونها يوما .
إن عقال بعير يمنع من الحاكم - بغير حق - هو انتقاص لسيادة الدولة .. هكذا فهم أبو بكر رضي الله عنه الأمور .. وبهذا نجح في القضاء على المتمردين .
وهكذا كان يجب أن يفهم السلاجقة وغيرهم من زعماء الدول .. الذين يقبلون نصف الحكم .. أو شيئا من الحكم دون وعي منهم بأن سيادة الدولة لا تتجزأ ، وبأن أنصاف الحلول أو أرباعها .. مقدمة طبيعية لزوال الحكم كله .
هكذا علمنا تاريخنا الإسلامي العظيم .
سقوط دولة الفاطميين
حين تستعين بعدوك التاريخي وتفقد القدرة على الرؤية الصحيحة .. فلا ضير في أن تموت .. فأنت ـ في البدء ـ إنسان منتحر .. !!
والتسامح قضية كبرى من قضايا حضارتنا ، ومبدأ عظيم من مبادئ إسلامنا ، لكن هذا التسامح ـ بترك الناس يحيون وفق معتقداتهم ـ شيء ، وتسليمك مقاليد الأمور لهذا الذي ينتمي روحيا إلى أعدائك ، ويشعر بتعاطف نحو من تحارب ، وتقل حضانته ـ مهما يكن ـ عن أخيك المسلم .. تسليمك هذا شيء آخر بعيد عن التسامح .. إنه نوع من الغفلة والحماقة .. أو بتعبير آخر نوع من الانتحار!!
وفي الدولة الفاطمية التي قامت في المغرب العربي سنة 298هـ وانتقلت قيادتها إلى مصر سنة 362هـ .. كانت ظاهرة الاعتماد على اليهود والنصارى سمة من سمات الحكم في الدولة ، فمن هؤلاء كان كثير من الوزراء وجباة الضرائب والزكاة، والمستشارين في شؤون السياسة والاقتصاد والعلم ، ومنهم الأطباء والثقات لدى الحكام، وإليهم تحال معظم الأعمال الجسام .
ولقد أحدثت هذه الظروف انفصاما بين الفاطميين والشعب ـ إلى جانب عوامل أخرى هامة ـ حتى لقد كان الناس يستجيرون من تسلط اليهود في البلاد فلا يجارون ، وقد ظهرت في ذلك أشعار كثيرة معروفة ، بل إن الناس قد اضطروا إلى أن يلفتوا نظر العزيز ( الحاكم الثاني في مصر ) إلى هذه الظاهرة التي كان يبدي تغافلا عنها ، وقد وضعوا له صورة من الورق لرجل يطلب حاجة أثناء مرور موكبه .. وقد مد الرجل يدا بورقة مكتوب فيها : " بالذي أعز اليهود بمنشا، وأعز النصارى بعيسى ، وأذل المسلمين بك إلا ما قضيت ظلامتي " وقد لمعت في سماء الدولة الفاطمية أسماء كثيرة من هؤلاء ، فقد لمع يعقوب بن كلس ( وسنورد تفصيلا عنه بعد ) ، ومنصور بن مقشر النصراني الطبيب صاحب الكلمة السامية في قصر العزيز ، وعيسى بن نسطورس الكاتب ، والمنجم ابن علي عيسى ، ويجين بن وشم الكواهي ، ومنشا اليهودي الذي كان نائب العزيز في الشام .. وغيرهم كثير . وعندما وصل الحاكم بأمر الله إلى الحكم .. وهو رجل أجمع المؤرخون على اضطراب عقله حتى أنه كان يأمر بالشيء وينهى عنه ـ أمر بهدم الكنائس التي بمصر ، لكنه سرعان ما عاد فأمر ببنائها ، وأطلق من جديد يد اليهود في البلاد ، واستمر أمر اليهود والنصارى في عهد الظاهر ، وعندما قدر للحاكم الفاطمي السادس في مصر " المستنصر بن علي الظاهر " أن يصل إلى الحكم سنة 427هـ كانت الحالة قد بلغت قمتها من التدهور . وفي ظل سياسة اليهود وتحكمهم في مرافق البلاد أصبح قصر هذا الحاكم زاخرا بالدسائس التي يحيكها القواد ورجال البلاط والخصيان والنساء ، ويقف وراء كل هؤلاء هذه الطوائف يديرون المعارك لصالحهم، ويرقبون الفائز، ويفسحون في شقة الخلاف.
وقد ذاقت البلاد من الجوع والبؤس والنزاع على السلطة ما أحالها إلى فوضى لم يشهد تاريخ مصر مثلها . وقد صور المقريزي هذه الحالة في قوله : " لم تجد البلاد صلاحا ولا استقام لها أمر ، وتناقضت عليها أمورها ، ولم يستقر عليها وزير تحمد طريقته .. " على آخر كلامه الطويل الذي قال في آخره بأنه : " تلاشت الأمور واضمحل الملك " وقد فكر ابن حمدان زعيم الأتراك في مصر في تغيير الخلافة الفاطمية إلى العباسية ، وكانت حال البلاد والفاطميين تسمح بتحقيق كل ذلك .. لولا سوء سياسة ابن حمدان لأتباعه وانقلابهم عليه .. وفي هذه السنوات أكل الناس بعضهم بعضا ، وبيع الرغيف بمائة دينار ، وأكل الناس لحوم الكلاب والحمير ، ولم ينته الأمر إلا بسقوط الدولة الفاطمية السقوط الحقيقي حين ترك حكامها السلطة تماما وقبعوا في قصورهم ، وحمل أمانة الحكم الوزراء العظام الذين كان أولهم وأعظمهم " بدر الجمالي " .
وقد أصبح بيد هؤلاء الوزراء كل مقاليد الأمور حتى أنهم لم يدعوا للخلافة ولا للخليفة في أغلب الأوقات إلا بالاسم ، وكانوا يتحكمون في اختيار الخلفاء وفي عزلهم ، والمؤرخون المنصفون يعتبرون سقوط الدولة هو تاريخ تولية بدر الجمالي أمور مصر سنة 464هـ .. ولم يفعل صلاح الدين الأيوبي حين أسقط الخطبة للفاطميين دون أية معارضة أو مقاومة حقيقية سنة 567هـ ـ إلا إسقاط عهد الوزراء العظام الذين كان آخرهم شاور .. أما الفاطميون فقد سقطوا منذ مدة طويلة أي قبل ذلك بقرن .
ومن الغريب أن العزيز الفاطمي .. بلغ من حبه لوزيره يعقوب بن كلس اليهودي أن ترك له أمر الدعوة إلى المذهب الفاطمي ، وكان هذا الأخير يجلس بنفسه يعلم الناس فقه الطائفة الإسماعيلية ، وقد ألف نفسه كتابا يتضمن الفقه على ما سمعه من المعز والعزيز الذي قال له : " وددت لو أنك تباع فأبتاعك بملكي " ولم يدرك العزيز أن ملكه كان قد بيع فعلا بهذه السياسة التي جعلت عهد الفاطميين في مصر عهد شدة وتناطح وبؤس . ووقف هؤلاء يستثمرون كل هذا ويتملقون الغرائز .. وبقيت عبرة التاريخ عبرة للذين يطلبون النصر من الأعداء ، والذين يطلبون الحياة من السم ، والذين ينسون " الاستراتيجية الإسلامية العالية " : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " !! .
سقوط دولة صلاح الدين
من أسرة كردية من أذربيجان هاجرت إلى العراق ، انبثق فجر قائد هذه الدولة ـ التي لعبت بقيادته ـ دورا من أروع أدوار تاريخنا .
ولعل " صلاح الدين الأيوبي " أروع بطل قدمته الحضارة الإسلامية على امتداد القرنين السادس والسابع للهجرة ، وبه أفلت المسلمون وأفلتت الحضارة الإسلامية من غزو عالمي صليبي كاسح كان يقوده أخبث صليبي عرفته أوروبا الهمجية في عصورها المظلمة " بطرس الناسك " .
وقد كان لاشتراك صلاح الدين مع عمه أسد الدين شيركوه في الحملات العسكرية التي كان يرسلها نور الدين إلى مصر ، أثر كبير في تعميق خبرته وإبراز مواهبه ، وما إن مات عمه أسد الدين سنة 564 هـ حتى أسند إليه الخليفة الفاطمي في مصر " العاضد " الوزارة ، ولقبه بالملك الناصر ، فظفر صلاح الدين بحب الشعب واحترامه نظرا لحزمه وعدالته.
ولم تأت سنة 567هـ أي بعد توليته الوزارة بثلاث سنوات ـ حتى مات الخليفة العاضد " فطويت صفحة الخلافة الفاطمية في مصر وغيرها ، وعادت مصر ـ العاصمة الفاطمية الأولى ـ عاصمة كبرى للعباسيين تحت قيادة الدولة الأيوبية وقائدها صلاح الدين الأيوبي .
كان أمام صلاح الدين تحديات داخلية في مصر ، فإن الآثار الفكرية التي خلفتها الدولة الفاطمية كانت تحتاج إلى إعلان ثورة فكرية .
وكان أمام صلاح الدين خلل اقتصادي منذ أيام المجاعة العظمى .. أيام " المستنصر " وما جر على مصر والعالم الإسلامي الحكم الفاطمي من ويلات تسلط الوزراء العظام منذ " بدر الجمالي " ( 464 هـ ) إلى شاور وضرغام .
وكان بإمكان صلاح الدين ، لو أنه قائد مخادع ، أن يعلن ثورة اقتصادية واجتماعية ، ويلهي الناس عن حقيقة الخطر الصليبي الذي يواجهونه !!
لكن صلاح الدين لم يكن هذا القائد المخادع ، بحيث يشغل الناس لحساب الأعداء عن معركتهم الحقيقية بمعارك جانبية .
وكان بإمكان صلاح الدين أن يبحث عن " اتفاقية جلاء " مع الصليبين أو عن " حل سلمي استسلامي " حتى تنتهي فترة تثبيته في الحكم ، ثم يعلن للناس أن الحكام السابقين يتحملون المسؤولية ، وأنه جاء إلى الحكم بعد فوات الأوان ، وبالتالي يخضع العالم الإسلامي لهذا الغزو الخبيث !!
لكن صلاح الدين لم يكن هذا القائد المخادع .
وفي مواجهة غزو صليبي عالمي أعلن صلاح الدين ثورة إسلامية عالمية ، وأصبح هو رمزها ومحورها ، وكان هذا هو الطريق الوحيد ولا يزال هو الطريق .
لقد جاء توحيد العالم الإسلامي جنبا إلى جنب مع الجهاد المستمر ضد الصليبية العالمية الحاقدة ، ولم يكن صلاح الدين بالأبله الذي يبحث عن أي حل بديل للجهاد، فوسط الحروب التي تهز الكيان المادي والمعنوي والفكري للأمة لا يمكن إنجاح أي هدف بعيد عن الهدف الأول ، وكل الأهداف تأتي من خلال هذا الهدف، لأن الجماهير تعتقد أنها عملية تلهية وخداع .. وقد دخل صلاح الدين عديدا من المعارك قبل حطين الشهيرة .. كموقعة " مرج عيون " جنوب لبنان سنة 575 هـ وموقعة " مدينة صفد " في السنة نفسها .
وعلى امتداد كل السنوات كانت هناك معارك لا تحصى بين صلاح الدين والصليبين .
وقد شن صلاح الدين على الصليبيين حروبا واسعة من أجل استخلاص إمارات إسلامية استولى عليها الصليبيون وأسسوا فيها إمارات صليبية مضى على استيلائهم عليها قريبا من تسعين سنة كأنطاكية وطرسوس والرها وبيت المقدس وطرابلس .. لم يكن صلاح الدين ساذجا ضعيفا متهاونا فيدعو إلى حدود ما قبل " معركة " ما ، أو .. " اتفاقية " ما .. !!
لقد كان الحق الإسلامي في عقيدته مقدسا لا يقبل التفريط والمساومة !!
هكذا كان هذا الرجل العظيم . صلاح الدين الذي انتصر في حطين واسترد بيت المقدس !!
وبوفاة صلاح الدين بقيت الدولة الأيوبية التي تنسب إليه تؤدي دورها قريبا من ستين سنة .
لكن هؤلاء الحكام كانوا أقل من صلاح الدين ، فلم يستطيعوا لعب الدور الذي لعبه .. وكان بعضهم متخاذلا يؤمن بإمكانية المفاوضات مع العدو الصليبي التاريخي ، كالملك الكامل الذي استجلب سخط العالم الإسلامي كله ، حين قام بتسليم القدس للصليبيين ، وقد تمكن الصالح أيوب الذي جاء بعده من استردادها .
ومن الغريب أن هذه الدولة التي بدأت بعظيم من أعظم الرجال هو صلاح الدين .. وانتهت بملك عظيم كذلك هو الملك الصالح ، كانت نهايتها على يد امرأة مملوكة من هؤلاء اللائى يظهرن في عصور الضعف ، ويساعدن على سقوط الدول .
إنها واحدة من هؤلاء النسوة القويات اللائى يجدن اللعب في خفاء القصور ودستورها ، متجردات من كل خصائص الأنوثة الحقيقية ، مستغلات مظاهر هذه الأنوثة في القتل والتدمير .. إنها شجرة الدر .. التي قتلت ابن زوجها " توران شاه " لكي تنفرد بالحكم ، ثم شربت من نفس الكأس حين قتلها المماليك أخذا بثأر زوجها منها .
وعجبا .. لقد قضي على الدولة التي قامت على أكتافها واحد من أعظم الرجال على يد مملوكة ـ مهما اختلفنا حولها ـ فإنها كذلك من أبرز نساء العالم
روميو سحابة السماء- مشرف عام
- عدد المساهمات : 46
نقاط : 124
تاريخ التسجيل : 18/02/2012
مواضيع مماثلة
» الجز الثالث من الكتاب
» وليامز وسافروفا تبلغان الدور الرابع من بطولة تشارلستون للتنس
» الجزء الخامس من الكتاب
» الجزء السادس من الكتاب
» وليامز وسافروفا تبلغان الدور الرابع من بطولة تشارلستون للتنس
» الجزء الخامس من الكتاب
» الجزء السادس من الكتاب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت مايو 17, 2014 10:52 am من طرف المدير العام
» جاياردو يكشف تفاصيل انتقال سواريز للريال
السبت مايو 10, 2014 11:20 pm من طرف المدير العام
» بدائل طبيعية للفياغرا
السبت مايو 10, 2014 11:14 pm من طرف المدير العام
» هيفا وهبي خطر على الأطفال في مصر!
السبت مايو 10, 2014 11:10 pm من طرف المدير العام
» سامسونغ تؤكد وجود خلل في كاميرا "غالاكسي إس 5"
السبت مايو 10, 2014 11:05 pm من طرف المدير العام
» 4 أمور لا تعرفها عن هاتفك الذكي
السبت مايو 10, 2014 11:02 pm من طرف المدير العام
» أحبها على "فيس بوك" وكذبت عليه.. فقتلها
السبت مايو 10, 2014 10:59 pm من طرف المدير العام
» بالفيديو..حفل زفاف فاخر لبقرة في الهند بحضور 5 آلاف شخص
السبت مايو 10, 2014 10:54 pm من طرف المدير العام
» بالصور..120 ألف نحلة تغطي صدر سيدة؟
السبت مايو 10, 2014 10:50 pm من طرف المدير العام
» منتخب العراق يحافظ على ترتيبه في التصنيف الدولي بالمركز الـ 100
السبت مايو 10, 2014 4:08 am من طرف المدير العام
» تعادل بطعم الهزيمة لريال مدريد يجعله خارج دائرة الصراع على لقب الليغا وينعش آال برشلونة
السبت مايو 10, 2014 4:03 am من طرف المدير العام
» ميسي: أنا مرتاح وكل ما نشر عني مجرد أكاذيب
السبت مايو 10, 2014 4:01 am من طرف المدير العام
» سامسونغ توقع أوباما في فخ الترويج لهاتف نوت 3
السبت مايو 10, 2014 3:51 am من طرف المدير العام
» مايكروسوفت تعلن رسمياً وفاة ويندوز إكس بي
السبت مايو 10, 2014 3:47 am من طرف المدير العام
» تتبَّع فيروس كورونا على خريطة العالم عبر موقع الكتروني
السبت مايو 10, 2014 3:36 am من طرف المدير العام
» تسريب صورة للنسخة المصغرة من هاتف HTC One M8
السبت مايو 10, 2014 3:31 am من طرف المدير العام
» 10 حقائق صادمة لا تعرفها عن "فيسبوك"
السبت مايو 10, 2014 3:29 am من طرف المدير العام
» طريقة تحميل مقاطع الفيديو من الفيس بوك بدون برامج وإضافات
السبت مايو 10, 2014 3:26 am من طرف المدير العام
» ميسي يشترط استمرار بنتو وشراء أغويرو مقابل التجديد لبرشلونة
السبت مايو 10, 2014 3:23 am من طرف المدير العام
» هل تريد ان تحافظ على نظرك اثناء جلوسك على الحاسوب
السبت مايو 10, 2014 3:10 am من طرف المدير العام